تحميل كتب , تحميل ,كتب تاريخ
حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وأسبانيا
من 1492 إلى 1792
أحمد توفيق المدني
(نسخة معالجة ومخفضة)
نبذة عن الكتاب
نقدم اليوم بين أيدي الباحثين والقراء، دراسة تشمل في آن واحد عصراً معيناً، هو عصر الدولة الجزائرية العثمانية، وحادثاً معيناً، هو الغزو الصليبي الاستعماري الإسباني لبلادنا، وما كان لذلك الغزو من أسباب ومن نتائج، وما اقترن به طيلة ثلاثة قرون (1492-1792) من ملابسات ومن تطورات، ثم أصف الوقائع، حربية كانت أو سياسية، وصفاً مسهباً، ترى به الصورة الحقيقية، واضحة التقاسيم، ناصعة الألوان، لا دخل فيها للزيف أو للخيال.
فحوادث هذه الملحمة الهائلة قد بقيت مجهولة لدينا في تفاصيلها، بينما اعتكف الغربيون من مختلف الأفاق على دراستها والتعمق فيها، فنشروا ما عثروا عليه من وثائقها، والفوا فيها عشرات الكتب، ونشروا عنها مآت البحوث، كان أقلها السليم الذي لا يتحرى إلا الحق، وكان أكثرها السقيم الذي يسير مع الهوى. مستخرجاً بين هذه الكتب الباحث "أحمد المدني" مقتحماً هذا الميدان ومحطماً ما انطوت عليه من كذب وبهتان، ثم استخلص من كل ذلك هذا الكتاب، لقد اختار هذا الموضوع بالذات، أنه يتعلق أولاً بميلاد الدولة الجزائرية الحقيقية، لأول مرة في تاريخنا، دولة ذات معالم معينة، وحدود مرسومة، فوق تراب تشكلت منه أرض الوطن وتكونت فوقه وحدة سياسية واقتصادية واجتماعية، بعد الوحدة الدينية التي كانت القاسم المشترك الأعظم، وقامت على رأسه دولة لا تنتسب لعائلة، ولا لقبيلة، إنما تنتسب لوطن معين، ثم اخترقت هذه الدولة في ميادين الكفاح والجهاد، ثلاثة قرون ونيفاًن مرفوعة الراس خفاقة الأعلام، سائرة ضمن دائرة الخلافة العثمانية نحو استكمال السيادة المطلقة، وتحقيق الاستقلال التام. حتى إذا ما ضربها الاستعمار الفرنسي وصرعها حيناً من الدهر، اضمحلت شكلاً ولم تضمحل روحاً، وسارت تخترق الظلمات، تطفو تارة في قيامات شعبية عارمة، وترسب تارة أخرى تحت إرهاق الظالمين، إنما استمرت دائماً عظيمة الإيمان، واثقة بالمستقبل، إلى أن انفجرت طاقات الشعب الجبار عن ثورته العارمة، فإذا به يدك صروح الظلم والظالمين، بين النيران الملتهبة، والدمار الغزيرة، والخرائب المتركمة، وإذا به ينشئ بمحض إرادته، وبمطلق مشيئته، دولة الجزائر الجديدة، فوق نفس الأرض، وبين نفس الحدود، التي أقام فوقها في مفتتح القرن السادس عشر، الدولة الجزائرية الأولى.
فهذه الدولة التي أقامها الشعب بإعانة الأتراك العثمانيين قد ولدت بين فرث الحوادث، ودم المعارك العالمية، خلال عصر تغير فيه وجه الدنيا باكتشاف العالم الجديد، وتغيرت فيه موازين القوى بين الشرق والغرب، وتغيرت فيه أساليب الحياة، ونشأ فيه الصراع الاستعماري الأكبر بين الدول البحرية العظمى، واصطدمت فيه الإمبراطوريات الكبرى بعضها ببعض، ووقفت فيه المسيحية والإسلام وجهاً لوجه، في معركة بقاء أو فناء، وأخذت فيه العقول تنطلق من العقال، والشعوب تفدر طاقاتها من أجل الحصول على الحرية والكرامة، فكان انبثاق فجر الدولة الجزائرية الأولى، وليد ذلك التفاعل، ونتيجة حتمية لذلك الصراع العنيف، وكان إلى جانب ذلك، عاملاً أساسياً من هذه العوامل المتشعبة التي حددت أبعاد الملحمة الكبرى، في الميدانين السياسي والاقتصادي، وسبرت أغوارها، واشتركت في حوادثها اشتراكاً فعلياً.
ثم اختاره، ثانياً، لأن هذه الدولة الجزائرية الأولى، قد برزت إلى الوجود، وشبت وشابت، نتيجة لحملة صليبية استعمارية هوجاء، كأشد ما تكون الحملات الصليبية الاستعمارية عنفاً وقسوة حمية جاهلية. فكانت أرض الجزائر، بعد أرض الأندلس، هدف هذه الحملة وميدان عملياتها الدامية. فالإسبان الذين تولوا كبر هذه الملحمة، كانوا يمثلون المسيحية رسمياً، يعملون باسمها، ويحملون شعارها، يؤيدهم في ذلك البابا في رومة، ويباركهم من أجل ذلك. أما الجزائريون، ومن جاء لنصرتهم، وجمع شملهم، وتولى قيادتهم من الأتراك، فقد كانوا يمثلون الإسلام، يجاهدون في سبيله، ويردون العادية عنه، ويتقربون إلى الله بالاستشهاد تحت لوائه، فاقترن الدفاع عن الوطن بالدفاع عن الدين، حتى إذا ما اتخذوا مدينة الجزائر عاصمة لهذه الدولة الناشئة، أطلقوا عليها اسم: "الجزائر دار الجهاد" وظل هذا هو اسمها الرسمي، من سنة 1516، إلى سنة 1830.
تحميل كتاب ، حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وأسبانيا ، أحمد توفيق المدني ، نسخة معالجة
من 1492 إلى 1792
أحمد توفيق المدني
(نسخة معالجة ومخفضة)
نبذة عن الكتاب
نقدم اليوم بين أيدي الباحثين والقراء، دراسة تشمل في آن واحد عصراً معيناً، هو عصر الدولة الجزائرية العثمانية، وحادثاً معيناً، هو الغزو الصليبي الاستعماري الإسباني لبلادنا، وما كان لذلك الغزو من أسباب ومن نتائج، وما اقترن به طيلة ثلاثة قرون (1492-1792) من ملابسات ومن تطورات، ثم أصف الوقائع، حربية كانت أو سياسية، وصفاً مسهباً، ترى به الصورة الحقيقية، واضحة التقاسيم، ناصعة الألوان، لا دخل فيها للزيف أو للخيال.
فحوادث هذه الملحمة الهائلة قد بقيت مجهولة لدينا في تفاصيلها، بينما اعتكف الغربيون من مختلف الأفاق على دراستها والتعمق فيها، فنشروا ما عثروا عليه من وثائقها، والفوا فيها عشرات الكتب، ونشروا عنها مآت البحوث، كان أقلها السليم الذي لا يتحرى إلا الحق، وكان أكثرها السقيم الذي يسير مع الهوى. مستخرجاً بين هذه الكتب الباحث "أحمد المدني" مقتحماً هذا الميدان ومحطماً ما انطوت عليه من كذب وبهتان، ثم استخلص من كل ذلك هذا الكتاب، لقد اختار هذا الموضوع بالذات، أنه يتعلق أولاً بميلاد الدولة الجزائرية الحقيقية، لأول مرة في تاريخنا، دولة ذات معالم معينة، وحدود مرسومة، فوق تراب تشكلت منه أرض الوطن وتكونت فوقه وحدة سياسية واقتصادية واجتماعية، بعد الوحدة الدينية التي كانت القاسم المشترك الأعظم، وقامت على رأسه دولة لا تنتسب لعائلة، ولا لقبيلة، إنما تنتسب لوطن معين، ثم اخترقت هذه الدولة في ميادين الكفاح والجهاد، ثلاثة قرون ونيفاًن مرفوعة الراس خفاقة الأعلام، سائرة ضمن دائرة الخلافة العثمانية نحو استكمال السيادة المطلقة، وتحقيق الاستقلال التام. حتى إذا ما ضربها الاستعمار الفرنسي وصرعها حيناً من الدهر، اضمحلت شكلاً ولم تضمحل روحاً، وسارت تخترق الظلمات، تطفو تارة في قيامات شعبية عارمة، وترسب تارة أخرى تحت إرهاق الظالمين، إنما استمرت دائماً عظيمة الإيمان، واثقة بالمستقبل، إلى أن انفجرت طاقات الشعب الجبار عن ثورته العارمة، فإذا به يدك صروح الظلم والظالمين، بين النيران الملتهبة، والدمار الغزيرة، والخرائب المتركمة، وإذا به ينشئ بمحض إرادته، وبمطلق مشيئته، دولة الجزائر الجديدة، فوق نفس الأرض، وبين نفس الحدود، التي أقام فوقها في مفتتح القرن السادس عشر، الدولة الجزائرية الأولى.
فهذه الدولة التي أقامها الشعب بإعانة الأتراك العثمانيين قد ولدت بين فرث الحوادث، ودم المعارك العالمية، خلال عصر تغير فيه وجه الدنيا باكتشاف العالم الجديد، وتغيرت فيه موازين القوى بين الشرق والغرب، وتغيرت فيه أساليب الحياة، ونشأ فيه الصراع الاستعماري الأكبر بين الدول البحرية العظمى، واصطدمت فيه الإمبراطوريات الكبرى بعضها ببعض، ووقفت فيه المسيحية والإسلام وجهاً لوجه، في معركة بقاء أو فناء، وأخذت فيه العقول تنطلق من العقال، والشعوب تفدر طاقاتها من أجل الحصول على الحرية والكرامة، فكان انبثاق فجر الدولة الجزائرية الأولى، وليد ذلك التفاعل، ونتيجة حتمية لذلك الصراع العنيف، وكان إلى جانب ذلك، عاملاً أساسياً من هذه العوامل المتشعبة التي حددت أبعاد الملحمة الكبرى، في الميدانين السياسي والاقتصادي، وسبرت أغوارها، واشتركت في حوادثها اشتراكاً فعلياً.
ثم اختاره، ثانياً، لأن هذه الدولة الجزائرية الأولى، قد برزت إلى الوجود، وشبت وشابت، نتيجة لحملة صليبية استعمارية هوجاء، كأشد ما تكون الحملات الصليبية الاستعمارية عنفاً وقسوة حمية جاهلية. فكانت أرض الجزائر، بعد أرض الأندلس، هدف هذه الحملة وميدان عملياتها الدامية. فالإسبان الذين تولوا كبر هذه الملحمة، كانوا يمثلون المسيحية رسمياً، يعملون باسمها، ويحملون شعارها، يؤيدهم في ذلك البابا في رومة، ويباركهم من أجل ذلك. أما الجزائريون، ومن جاء لنصرتهم، وجمع شملهم، وتولى قيادتهم من الأتراك، فقد كانوا يمثلون الإسلام، يجاهدون في سبيله، ويردون العادية عنه، ويتقربون إلى الله بالاستشهاد تحت لوائه، فاقترن الدفاع عن الوطن بالدفاع عن الدين، حتى إذا ما اتخذوا مدينة الجزائر عاصمة لهذه الدولة الناشئة، أطلقوا عليها اسم: "الجزائر دار الجهاد" وظل هذا هو اسمها الرسمي، من سنة 1516، إلى سنة 1830.
تحميل كتاب ، حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وأسبانيا ، أحمد توفيق المدني ، نسخة معالجة